إصطباحة

بلال فضل

تنشر على موقع المصرى اليوم

 

Wednesday, August 5, 2009

اصطباحة 25/7/2009

اصطباحة بقلم

لا أحب الأسئلة الموجهة التى لا تحمل رغبة فى معرفة رأيك بقدر ما تحمل رغبة فى تأييدك لرأى سائلها، ومع ذلك عندما سألنى صحفى «أشبب» منى: «ما رأيك فى إهانة وزارة الثقافة للدين الإسلامى ومشاعر المسلمين بمنحها جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية للكاتب الدكتور سيد القمنى المعروف بكتاباته المتجاوزة ضد الإسلام؟
»،
كظمت غيظى من صياغته للسؤال وأجبته قائلاً: بصراحة، لا أعتقد أن الدين الإسلامى يمكن أن يُهان بسبب آراء كاتب مهما كان وأيًا كانت آراؤه، فقد كان لدى الإسلام من القوة ما يجعله يورد آراء من يكفرون به بل وآراء من يشتمون رب العزة فى متن القرآن الكريم ويرد عليها، أما مشاعر المسلمين فلا أعتقد أنه ينبغى أن يهينها ما هو أكثر من ضعفهم وهوانهم
،
لذا أعتقد أن الإهانة الحقيقية كانت من نصيب جائزة الدولة التقديرية التى يفترض أن تمنح لأصحاب الإنجازات العلمية والأدبية والفنية المحترمة والمتميزة، وليس لكاتب مثل الدكتور القمنى، أما الإهانة الأقسى فقد لحقت بالعلوم الاجتماعية التى لا أدرى بوصفى من دارسيها ومحبيها على أى أساس تم إلحاق بذاءات القمنى بها ظلما وعدوانا
.
«غريبة.. كنت فاكرك هتقول كلام مع القمنى مش ضده.. حد قال لى إنكو كنتو بتنشروا له فى الدستور زمان» قالها لى الصحفى «الأشبب»، وأنا ألخص لك هنا ماقلته له: «أولاً لست مسؤولا عن أحكامك المسبقة..
ثانيا لو كنت أتولى الآن مسؤولية تحرير صحيفة لنشرت للدكتور القمنى كل حرف يرسله إلىّ، ولو تعرضت كتبه للمصادرة لأدنت ذلك، ولو تعرض لإيذاء بسبب آرائه لدافعت عنه مع أن آراءه لا تدخل ذمتى بنكلة
،
لكن كل هذا كوم ومنحه جائزة الدولة التقديرية التى تمول من جيوب دافعى الضرائب كوم آخر، إذا أراد وزير الثقافة فاروق حسنى أن يصور تكريمه للقمنى على أنه وقوف ضد التطرف الإسلامى من أجل زيادة فرصه فى الوصول إلى اليونسكو، فليدفع للقمنى آلاف الجنيهات من جيبه الخاص وليس من ميزانية الدولة التى ينبغى أن تكرم العلماء الجادين والمحترمين
،
ينبغى هنا أن نسأل هل يمكن أن تمنح دولة غربية جائزتها التقديرية لكاتب ينكر المحرقة أو يزدرى اليهودية أو المسيحية، بالطبع لا، فلماذا إذن تقبل حكومة الحزب الوطنى المباركة منح جائزة رفيعة لكاتب يزدرى الإسلام والمسيحية بأسلوب فج استفزازى غوغائى أبعد ما يكون عن العلم والمنطق؟،
لست فى هذا أفترى على الرجل بل أقول رأيى بعد متابعة لكتبه ومقالاته تجعلنى أقول بضمير مستريح إنه ليس مفكرا بقدر ما هو (هجّاص) بكل ما للتعبير الشعبى من دلالات عبقرية، لن ألعب لعبة اقتطاع أجزاء من كتاباته لأنتزعها من سياقها، فهى ليست بحاجة لتحريف أو اقتطاع أو تأويل لتدرك أنها أبعد ما تكون عن العلم والأدب أيضا، يمكنك أن تقرأها كاملة فى كتبه ومقالاته إن أردت،
ثم ارجع من فضلك إلى مقالة بديعة كتبها عام ١٩٩٧ الروائى والكاتب المحترم والمستنير سعد القرش فى صحيفة الدستور وفضح فيها القمنى فضيحة القطط، كاشفا فبركاته وكذبه وسعيه المهووس للشهرة الذى جعله على سبيل المثال لا الحصر يدعى أن مدرسة الأطفال المجاورة لبيته يخرج طلابها كل يوم ليرجموا بيته بالحجارة بتحريض من مدرسيهم،
ثم يتضح أن كل ما كتبه لم يحدث وأن أقرب مدرسة من بيته تبعد عشرات الكيلومترات، ولم يجرؤ القمنى على أن يرد بكلمة على ما جاء فى
مقال سعد القرش، الذى أتمنى أن يعيد نشره على الإنترنت، بعدها خنس القمنى فترة من الزمن ثم عاد لينشر فى مجلة روزاليوسف أفكاره المستفزة، التى تمثل أكبر خدمة يتمناها المتطرفون وأعداء الإصلاح،
وفجأة واصل تصرفاته الاستعراضية غير المتزنة حين كتب يعتذر عن كل أفكاره الكفرية ويعلن توبته إلى الله عنها، ليتسبب فى حرج بالغ للمجلة التى هاجمته بشدة لأن اعتذاره الاستعراضى جلب لها اتهامات بنشر الكفر، بالذمة هل هذا سلوك عالم يستحق منحه جائزة الدولة
التقديرية بجلالة قدرها؟
أم أن كبيره وآخره كمواطن هو الحصول على فرصة للعلاج نفسيا على نفقة الدولة، وإذا كان الهدف حقا هو دعم الآراء المستنيرة فى
مواجهة التطرف، ألم يكن الدكتور نصر حامد أبوزيد هو الأولى بالتكريم؟».
قطعت الجملة الأخيرة فرحة الصحفى الشاب بما قلته فصرخ قائلا: «إيه.. إزاى يعنى»، وأنا رددت عليه بما ستقرؤه غدا بإذن الله.